آیة الله مصباح الیزدیّ: السبب الرئیسیّ لانحراف الخواصّ هو حبّ الدنیا

الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ: اعتبر العلامة مصباح الیزدیّ أنّ أسباب انحراف الخواصّ مختلفة، وقال سماحته: العلّة الرئیسیّة لانحراف الخواصّ هی التعلّق بالدنیا.
حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ، فقد قدّم رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث ظهر یوم الجمعة المصادف 2010/12/03 م فی المؤتمر المنعقد برعایة مكتب الدراسات الثقافیّة فی مجمع «یاوران إمام مهدی (عجّل الله تعالى فرجه الشریف)» [أنصار الإمام المهدیّ (عجّل الله تعالى فرجه الشریف)] فی قمّ المقدّسة تحت شعار «معالم خطّ الإمام الخمینیّ (رحمه الله)» وبحضور حجج الإسلام والمسلمین الدكتور ناصر سقّای بی ریا مستشار رئیس الجمهوریّة لشؤون علماء الدین، ومحمّد حسین موسى بور محافظ قم، ومحمّد حسین استاد المدیر العام لمؤسّسة الثقافة والإرشاد الإسلامیّ فی محافظة قمّ المقدّسة، وأعضاء مكتب الدراسات الثقافیّة فی مختلف أنحاء البلاد ـ قدّم تحلیلاً لأسباب إقامة اجتماعات تهدف إلى تبیین فكر الإمام الراحل (رحمه الله) وقال: لقد تعرّضت عملیّة تحلیل وتبیین معالم خطّ الإمام الخمینیّ الراحل (رحمة الله علیه) منذ زمان حیاته إلى أشكال من التحریف والتشویه، منها ما كان عن سهو ومنها ما كان عن عمد، ومن هذا المنطلق فإنّه یتحتّم على المخلصین للإمام الراحل (رحمه الله) وأصحابه المقرّبین إعادة قراءة فكر الإمام للوقوف أمام بثّ مثل هذه الشبهات والكشف عن الحقیقة للناس وللجیل الثالث للثورة.
وأضاف سماحته: إنّ من سمات كلام الإمام الراحل هی صراحته، وبساطته، وسهولة فهمه، لكنّنی سمعت مراراً وتكراراً من أشخاص موثوقین أنّ الإمام كان یشتكی ویعرب عن عدم ارتیاحه قائلاً: «لا أدری كیف أتكلّم حتی لا یفسّر البعض كلامی وفقاً لآرائهم ویحرّفونه عن مواضعه».
* متشابهات الآیات هی وسیلة لامتحان منحرفی الفكر
وقال العلامة مصباح الیزدیّ: إنّ وجود الإبهامات فی الاّمور هی سبیل لامتحان الإنسان، بل إنّ الحكمة من نزول متشابهات الآیات یمكن هی الاخرى أن تمهّد للاختبار أیضاً. بل إنّ الله جلّت آلاؤه یقول فی كتابه العزیز: إنّ الذین فی قلوبهم زیغ ومرض یذرون محكمات الكتاب ویتشبثّون بالمتشابهات لا یبتغون من ذلك إلاّ إشعال الفتنة: «فَأَمَّا الَّذینَ فی‏ قُلُوبِهِمْ زَیْغٌ فَیَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْویلِهِ».
وأكّد سماحته أنّه لو كان ما یمیّز الحقّ عن الباطل أو العكس واضحاً لَما رغب بالباطل أحد، وأضاف: هناك دوماً عنصر من الحق یمزج مع الباطل لخداع الناس، وبسبب تعقید الباطل فإنّه یصعب تشخیص الحقّ من الباطل.
وأوضح عضو مجلس خبراء القیادة أنّ الجماعات المخالفة لخطّ الإمام الراحل والمنحرفة عنه مختلفة، وقال: لقد كان عدد من الأفراد المنتمین إلى شرائح مختلفة من المجتمع مخالفین لفكر الإمام وذوقه ونهجه منذ الساعات الاُولى لتحرّكه (رحمه الله) وقد أقاموا على هذا النهج حتّى بعد انتصار الثورة. لكنّ جماعة من هؤلاء وبسبب غلبة خطّ الإمام الراحل وفكره بعد انتصار الثورة الإسلامیّة فقد تظاهروا بقبول هذا النهج، لكنّ واقعهم كان شیئاً آخر ولم تتّصف تبعیّتهم للإمام بالعمق.
وقسّم آیة الله مصباح الیزدیّ المخالفین لنهج الإمام الراحل (قدّس سرّه) وفقاً للمعیار الإسلامیّ إلى قسمین، وتابع القول: إنّ طائفة من مخالفی فكر الإمام (رحمه الله) كانت غیر منسجمة مع الإسلام أساساً، أمّا الطائفة الاخرى فقد كان لها اعتقاد بالدین لكنّه بسبب افتقارها إلى البصیرة أو جرّاء عوامل نفسیّة اخرى فإنّها لم تقبل بشخص الإمام الراحل (رحمه الله).
وأشار سماحة الیزدیّ إلى طریقة تعاطی المخالفین لخطّ الإمام مع الأحداث وتفاعلهم معها، وقال: لقد صرّح بعض هؤلاء بمخالفتهم، أمّا البعض الآخر فقد فضّل طریقة الطعن والتلمیح والتخطیط من خلف الستار.
* لا ینبغی للمعوّقات أن تكون سبباً للتشكیك فی أساس النظام الإسلامیّ
وأوضح اُستاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة أنّ الفئة الاُخرى من مخالفی منهج الإمام الراحل كانوا فی البدایة من السائرین فی طریق الثورة والمدافعین عنها ثمّ انحرفوا فیما بعد لأسباب شتّى، وأضاف: أمّا الفئة الاخرى من هؤلاء فقد انتابهم الیأس نتیجة ضعف بعض الثوریّین أو مسؤولی النظام الإسلامیّ أو أخطائهم فكانت النتیجة أن تخلّوا عن متابعة مسیرة الثورة وهذا نابع من عدم كون هؤلاء واقعیّین فی نظرتهم إلى الامور، ذلك أنّ الرؤیة الواقعیّة تدعو الإنسان لتشخیص نقاط الضعف والسعی لرفعها، لا أن یعمد إلى التشكیك فی أصل النظام الإسلامیّ جرّاء وجود بعض نقاط الضعف أو المشاكل فی سیاق الامور التنفیذیّة للبلاد.
وتابع آیة الله الیزدیّ قائلاً: أمّا الفئة الاخرى فإنّهم باقون مع الثورة ما دام لهم حظّ من الخیر فیها، لكن ما إن یقعوا تحت وطأة الصعوبات والابتلاءات فإنّهم یتزلزلون ویتخلّون عن مقدّساتهم.
واستطرد سماحته قائلاً: لم یكن فی نیّة رؤوس الفتنة وبعض الخواصّ الإطاحة بالنظام فی بادئ الأمر، لكنّهم ما إن قصُرت أیدیهم عن بلوغ السلطة والثروة وأصابهم القلق لئلاّ یتعرّضوا للمُساءلة من قبل الدولة على ما اكتنزوه من الثروة الضخمة فإنّهم زاغوا شیئاً فشیئاً عن مسیر الحقّ ووقفوا فی وجهه.
وعدّ اُستاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة أنّ حبّ الدنیا هو السبب الرئیسیّ لانحراف الخواصّ وقال: منذ بدء التاریخ ومروراً بعصر نبیّ الإسلام (صلّى الله علیه وآله) والإمام علیّ (علیه السلام)، وحتّى زماننا الحاضر فقد كان ولا یزال حبّ الدنیا والتعلّق بزخرفها وزبرجها أهمّ عوامل انحراف الكبراء والخواصّ عن الحقّ.
ووجّه آیة الله مصباح الیزدیّ خطابه إلى الجیل الثالث للثورة وأنذرهم بقوله: على الشبیبة أن یعوا أنّ الانحراف یحصل على نحو تدریجیّ، وإنّنا إن لم نلتفت إلى أنفسنا ونراقبها فسیأتی زمان نشاهد فیه أنفسنا وسط معسكر الباطل وفی مقابل معسكر الحقّ.
* العمل بالحقّ أهمّ من معرفته
ورأى رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث أنّ أهمّ عاملین للوقایة من الانحراف هما عمل المرء بما یعلم، والرفقة والصداقة فی الله، وأضاف: إنّ بعض مَن اشترك فی تسخیر وكر التجسّس الأمریكیّ [السفارة الأمریكیة سابقاً] والسیطرة علیه فی أوائل الثورة قد آلت به الاُمور فیما بعد إلى بیع وثائق إیران السرّیة إلى الأعداء فخان مقدّسات الشعب الإیرانیّ على الرغم من إذعان هؤلاء فی السابق بحقّانیة النظام الإسلامیّ، لكنّه عندما باتت حاكمیّة الإسلام على طرف النقیض من مصالحهم، فقد تلكّأوا على صعید العمل وهذا یُظهر أن معرفة الحقّ مهمّة لكنّ العمل به أكثر أهمّیة.
وفی معرض إشارة عضو مجلس خبراء القیادة إلى أهمّیة الصداقة إذا بُنیت على اُسس إسلامیّة وكانت فی سبیل الله قال سماحته: إذا كانت المصالح المادّیة، والتعصّبات القبلیّة، والمیول القومیّة هی المیزان الذی یحكم العلاقات والصداقات فسیؤدی ذلك إلى نشوب الفتنة.
وأضاف آیة الله مصباح الیزدیّ: إذا كانت الدوافع لأعمالنا وإنجازاتنا إلهیّة فإنّ الله ـ وفقاً للآیات القرآنیّة ـ سینصرنا، أمّا إذا اتّكلنا على عوامل اُخرى فستذهب أعمالنا هباء منثوراً.