العلامة مصباح الیزدی: الذین یقولون بانتهاء عهد الحرکة الإسلامیّة هم مخالفون لإسلامیّة النظام

حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدی فقد قال رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث فی الاجتماع الحادی والعشرین لخرّیجی المؤسّسة المذكورة الذی اُقیم تحت عنوان «المنحرفون الجدُد»: إنّ الإحاطة بالظروف السیاسیّة الراهنة ضروریّة لكلّ إنسان مسؤول إذ توجد الیوم أیادٍ تمتدّ فی الخفاء لتحقّق مآرب تُعدّ ذات أثر على مصیرنا.
وفی إشارة لآیة الله محمّد تقی مصباح الیزدی إلى أنّ البعض یخال أنّ التیّار الماسونیّ قد ولّى إلى الأبد قال: هناك دوماً تیّارات منحرفة تتربّص بهذا النظام الدوائر وتترصّد لتوجیه ضربة قاضیة له.
وعبر إشارة سماحته إلى الثورة الإسلامیّة العظیمة اعتبر الإسلامیّة، والاستقلال، والحرّیة، وولایة الفقیه بعنوان كونها أركان هذا النظام وأضاف: كما وأنّ جمیع أعداء النظام ومعارضیه یخالفون هذا النظام الإسلامیّ من هذه الوجوه أیضاً.
وقسّم عضو مجلس خبراء القیادة الأعداءَ وفقاً لتوجّهاتهم الفكریّة والاعتقادیّة وقال سماحته: ینقسم مخالفو إسلامیّة هذا النظام إلى عدّة فئات. ففئة لا تعترف بالدین أساساً، كالمادّیین والمنكرین للدین أساساً ممّن یعتبرونه أفیون الشعوب.
وعدّ العلامة مصباح الیزدی أنّ الفئة الثانیة المخالفة لإسلامیّة النظام هم اولئك الذین وإنْ رضوا بالدین وآمنوا بوجود الله وبالنبیّ وبالوحی إجمالاً إلا أنّهم یقولون بأنّ للدین دوراً تاریخیّاً وقد كان له أثر فی مرحلة من المراحل، أمّا الیوم فقد انقضى تاریخ صلاحیّته.
وتطرّق آیة الله مصباح الیزدی إلى تقسیم بعض علماء الاجتماع لعصر الحیاة البشریّة قائلاً: تقسِّم هذه الفئة من العلماء عصرَ الحیاة البشریّة إلى مرحلة الخرافات والدین، ومرحلة الفلسفة، ومرحلة العلم ویعتقدون بأنّ كلّ واحدة من هذه المراحل قد نهضت بدورها فی السیطرة على وضع المجتمع البشریّ بل وفی تطوّره وتحضّره أیضاً، أمّا الیوم فنحن نعیش مرحلة العلم والتجارب المختبریّة، فما من حقیقة یمكن أن تكون لها أهمّیة ووزن إلاّ تلك التی یتمّ إثباتها عن طریق التجربة فی المختبر.
وقال سماحته: لیس بالضرورة أن یكون المخالفون لإسلامیّة النظام من غیر المسلمین، بل یوجد من بین المسلمین من یصرّح بأنّ: عهد الحركة الإسلامیّة قد ولّى وإن كان الإسلام موجوداً، بالضبط كما أنّ عهد ركوب الدوابّ قد ولّى مع أنّ هناك خیلاً إلى الآن.
وبیّن العلامة مصباح الیزدی قائلاً: إنّ أصحاب هذه الفئة، وهم مسلمون أیضاً، لا ینكرون الدین ولا یعترضون على من یرغب فی أن یصبح متدیّنا، لكنّهم یخالفون أن ینهض الإسلام بدور إدارة نظام الحكم.
وفی إشارة إلى فئة اخرى من مخالفی النظام الإسلامیّ قال سماحة مصباح الیزدی: كما أنّ هناك فئةً اخرى ینبع عداء أصحابها لإسلامیّة النظام من تعصّبهم لدیانة أو مذهب معیّن، لكنّ الذین یجاهرون بالعداء للنظام ویسعون إلى إسقاطه من بین أصحاب هذه الفئة هم قلیلون.
ورأى هذا الفیلسوف الإسلامیّ الكبیر أنّ الاستقلالَ والحریّةَ ركنٌ آخر من أركان الثورة الإسلامیّة وأضاف: هذا الركن یعنی محاربة الامبریالیّة الخارجیّة والدكتاتوریّة الداخلیّة.
واعتبر آیة الله مصباح الیزدی أنّ السعی وراء المصالح هو سبب مخالفة هؤلاء لهذا الركن وقال: لیس بالضرورة أن یكون هؤلاء من عشّاق أمریكا وإسرائیل والامبریالیّة، لكن لما كانت مصالحهم مرهونة بالعلاقات مع هؤلاء فإنّهم یسعون إلى تكوین علاقات معهم، وإنّ دعمهم لنهج إسرائیل وأمریكا یتّخذ بالنسبة لهم طابعاً تكتیكیّاً لذا فإنّ عداءهم للنظام الإسلامیّ ینطلق من هذا المنطلق.
وفی معرض إشارة عضو مجلس خبراء القیادة إلى الركن الثالث للنظام الإسلامیّ وأهداف مخالفی هذا الركن قال سماحته: ینقسم المخالفون لهذا الركن إلى مجامیع مختلفة، إحداها هم اولئك الذین لا یقرّون بإسلامیّة النظام ویرفضون - تبعاً لذلك - ولایة الفقیه التی تتجلّى فیها إسلامیّة النظام.
وقال العلامة مصباح الیزدی: أمّا القسم الآخر من مخالفی ولایة الفقیه فهم من الذین حاربوا الإنجلیز بأنفسهم لسنوات طویلة وتجشّموا فی سبیل البلاد عناء كبیراً، لكنّهم یرون أنّ الإمام الخمینیّ (رحمة الله علیه) قد استعمل الحیلة فی تجییر الثورة باسم الإسلام وعلماء الدین وقد سلّم السلطة كتركة موروثة إلى أیدی علماء الدین.
وأشار آیة الله مصباح الیزدی إلى فئة اخرى من مخالفی ولایة الفقیه وقال: هناك جماعة اخرى من مخالفی ولایة الفقیه تعتبر هذا النوع من الحكم ضرباً من الحكومة الدینیّة التی قد انقضى تاریخ صلاحیّتها وهی - فی الحقیقة - شكل من أشكال التخلّف والرجعیّة.
وتابع هذا المفكّر الإسلامیّ حدیثه قائلاً: كما وتعتقد طائفة اخرى من مخالفی ولایة الفقیه أنّ علماء الدین لا یملكون الأهلیّة لإدارة البلاد. ومن هذا المنطلق یرى بعضهم - من دافع التكبّر والعجرفة - أنّ على القائد أن یستشیرهم فی جمیع الامور، وأنّ كلّ ما تظفر به البلاد من تطوّر وتقدّم إنّما هو رهن بوجودهم.
وأضاف العلامة مصباح الیزدی: إنّ معرفة المرء بهذه التیّارات الفكریّة تجعله یكتشف أنّ بعض التیّارات التی تنادی بالنظام الإسلامیّ وولایة الفقیه إنّما هی مخالفة لهما فی واقع الأمر.
وأكّد العلامة مصباح الیزدی على معرفة التكلیف وقال: علینا أن نقیّم أنفسنا أوّلاً لنتأكّد إن كنّا موافقین حقّاً على تنفیذ الأحكام الإسلامیّة أم لا؟
وقال استاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة: ثمّ یتعیّن علینا فی المرحلة التالیة أن ننظر هل إنّنا حقّاً معتقدون بأنّه ینبغی مواجهة أمریكا ومقارعتها مادامت تتبنّى هذه المواقف، أم أنّ ذلك مجرّد لغو وعبث؟ وفی نهایة الأمر یجب أن نقیّم أنفسنا لنتأكّد: هل نحن معتقدون بالولیّ الفقیه؟ وهل نحن على استعداد لبذل الأموال والأنفس فی سبیله باعتباره عمود خیمة النظام الإسلامیّ، أم لا؟
وقال العلامة مصباح الیزدی: فإن كنّا كذلك إذن یتعیّن علینا الثبات على هذا الدرب، والوقوف بحزم بوجه الانحرافات، ونبذ السعی خلف المصالح، والحذر من تغییر الوجهة والمسیر.
وقال سماحة مصباح الیزدی فی ختام حدیثه: إنّ حفظ الولیّ الفقیه یعنی حفظ ماء وجه الشعب وكرامته ودینه ودنیاه.
یُذكر أنّ هذا اللقاء قد جرى فی الیوم العاشر من حزیران من عام 2011م فی قاعة مؤتمرات مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث.