العلاّمة مصباح الیزدی: المجتمع المثالیّ هو المجتمع الذی یتأسّس على القیم الإلهیّة والموازین الدینیّة

حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدی ولدى لقاء سماحته بأعضاء المجلس المركزیّ لجبهة الثبات (جبهه پایداری) فی إصفهان والذی جرى بتاریخ 15 شباط 2012م فی مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث أوضح سماحة مصباح الیزدی أنّ مجتمعنا شهد تقدّماً فكریّاً وثقافیّاً غیر مسبوق بعد الثورة الإسلامیّة وقال: إنّ رقیّ المجتمع هو رهن بحركة وقیادة الإمام الخمینیّ الراحل (رحمة الله علیه).
وذكر العلامة مصباح الیزدی قائلاً: ینبغی أن نحدّد واجباتنا فی الحاضر وفی المستقبل على أساس ما فی جعبتنا من معتقدات ورؤى عامّة بخصوص مبدأ الحیاة الاجتماعیّة ودعوة الأنبیاء.
وعبر بیان سماحة آیة الله مصباح الیزدی للهدف من وراء بعثة الأنبیاء المبنیّ على تعریف البشر بالسبیل القویمة ومرافقتهم للسیر فیها أضاف: إنّ التراث الذی وصلنا من الأنبیاء یعطینا صورة عن المظهر الشامل للمجتمع المنشود وكلّ ما ینبغی وما لا ینبغی فی المجتمع الإسلامیّ، وقد تمّ تنفیذ نموذج لهذه التركیبة فی زمان حكومة علیّ بن أبی طالب (علیه السلام).
وأضاف سماحة مصباح الیزدی قائلاً: لقد كان تحقّق المجتمع المثالیّ غالباً مقروناً بالعقبات والعراقیل، لكن ذلك لا یعنی بالضرورة أنّ هذا المشروع لا ینبغی تنفیذه على أرض الواقع، بل لابدّ فی كلّ زمان وفی كلّ مجتمع من السیر – بمقتضى ظروف ذلك المجتمع – باتّجاه المشروع الإسلامیّ المثالیّ.
وأكّد عضو مجلس خبراء القیادة بالقول: المجتمع الإسلامیّ المثالیّ هو ذلك المجتمع الذی یُبنَى على أساس المـُثُل الإلهیّة والعدالة والإنصاف والإیثار والتضحیة، ولیس ذلك المتأثر بالسلطة والثروة والسیاسات الشیطانیّة والأدوات غیر الإنسانیّة.
وتابع سماحته: یمكن فرض ثلاث حالات للمجتمع؛ فإمّا أن نشكّل جماعة مبدئیّة تضع المبادئ والاُصول نصب عینیها ونتعامل مع الجمیع بحساسیّة وتوتّر شدیدین دون أن نتراجع عن مبادئنا قید أنملة، وإمّا أن نضع تأسیس المجتمع المثالیّ جانباً حتّى تتوفّر الظروف المناسبة لذلك بدعوى عدم إمكانیّة تحقّقه فی الوقت الحاضر. لكن أیّ واحدة من هاتین الحالتین لا تبدو عقلائیّة. إذن یبقى علینا فی مثل هذه الظروف أن نضع الأولویّات فی الحسبان، ونرسم خطوطاً حمراء، ثمّ نخطو - فیما یتّصل بباقی الشؤون والموارد - باتّجاه تحقّق المجتمع الإسلامیّ المثالیّ عن طریق التعاطی والتعامل مع الآخرین.
وأضاف سماحة مصباح الیزدی قائلاً: إذا نظرنا إلى تاریخ صدر الإسلام فإنّنا سنكتشف بسهولة كیف أنّ أمیر المؤمنین (علیه السلام) بعد حادثة السقیفة لم یكن یتنازل قید أنملة عمّا كان یعتبره الخطوط الحمراء للإسلام، لكنّه – فی الوقت ذاته وفی الكثیر من القضایا السیاسیّة والاجتماعیّة - كان یهدی المجتمع عبر التعاون والإرشادات الحكیمة نحو السیر فی طریق المجتمع المثالیّ.
وأكّد آیة الله مصباح الیزدیّ قائلاً: نحن نعتقد أنّه، وبعد مضیّ أربعة عشر قرناً على ظهور الإسلام، فإنّه قد ظهر شخص یفهم الإسلام ویعرف المجتمع المثالیّ أفضل من غیره من ناحیة، ویعلم ما الذی ینبغی صنعه للوصول إلى مثل هذا المجتمع من ناحیة اُخرى، إذن یتحتّم علینا المضیّ فی الإفادة من ذلك وفقاً للظروف المتاحة.
وقال سماحته: إنّ وجود قائد الثورة المعظّم (مدّ ظلّه) هو تحفة لنا لنتمكّن بهداه وإرشاده فی خضمّ هذه الظروف أن نسیر باتّجاه المجتمع الإسلامیّ المثالیّ، ونحن نأسف على حال اُولئك الذین لا یقدرون هذه النعمة حقّ قدرها.
وعبر إشارة سماحة العلاّمة مصباح الیزدی إلى ضرورة اجتذاب القدر الأعظم من الناس قال: بعض النقائص موجودة ضمن حیّز الخطوط الحمراء وبعضها الآخر خارج هذه المنطقة، وما علینا إلاّ السعی لرفع هذه النقائص، وإن لم نستطع ذلك فیتعیّن الوقوف أمام أضرارها واستغلال ما للأشخاص من نقاط قوّة من أجل رفع نقائصهم.
وأضاف آیة الله مصباح الیزدی مستنداً إلى كلام قائد الثورة المعظّم بخصوص جهاد البصیرة قائلاً: إنّ السعی فی طریق رفع المستوى الفكریّ والثقافیّ للمجتمع على أساسٍ من القیم الدینیّة والموازین الإسلامیّة هو جهاد البصیرة بعینه.
وقال عضو مجلس خبراء القیادة: على الرغم من أنّ القائد یُعدّ أعظم هدیة إلهیّة منّ الله بها علینا فی الظروف الحالیّة للاُمّة یحاول البعض - من ناحیة - تضعیف مكانة هذا القائد، ومن ناحیة ثانیة فإنّ البعض الآخر ممّن أثار الفتنة العظیمة فی عام 2009 فإنّهم یصنّفون هذه المؤامرة العظیمة كخلاف انتخابیّ ویحاولون أن یطووا صفحتها وأن یتناسوها.
وأضاف سماحته قائلاً: لقد نزلت جبهة الثبات إلى المیدان لتُحدث فی صفوف المبدئیّین هدفاً أسمى وتسارعاً نحو هذا الهدف كی تنهض - عبر الاعتماد على مبادئ الطاعة المطلقة للقائد، ومحاربة فتنة عام 2009 وعواملها، ومقارعة الانحراف – تنهض بالمجتمع وبحركة الثورة بتسارع مضاعف على طریق تحقّق إرشادات القائد وتعالیمه.
وقال آیة الله مصباح الیزدی فی ختام حدیثه: إنّ التوكّل على الله عزّ وجلّ والتوسّل بأهل‌ بیت العصمة (علیهم السلام) من شأنه أن یهیّئ أرضیة النصر فی كلّ میدان. لقد تمّ تحصین شعبنا فی فتنة عام 2009، لكن علینا أن نتوخّى الحذر الشدید لئلاّ نقع فی حبائل الشیاطین من جدید.